رسالة عمان ونبذ الارهاب


رسالة عمان وثيقة تنويرية لتوضيح براءة الإسلام من حوادث الإرهاب

 
 ترتكز رسالة عمان التي اصبحت وثيقة تنوير لشعوب العالم للتعرف على الدين الاسلامي في صورته الحقيقية منذ اطلاقها كمبادرة ملكية على استنكار المفهوم المعاصر للإرهاب، وتحريم الاعتداء على النفس الانسانية بصورة باغية متجاوزة لأحكام الله، فلا عدوان على المدنيين المسالمين أو الاساءة الى دينهم ومعتقداتهم، الى جانب تحريم هدم العمران واستباحة المدن.
وتتعلق رسالــة عمــان والتي تضم 23 بندا بقدسية الحياة التي اعطاها الاسلام منزلتها السامية فلا قتال لغير المقاتلين ولا اعتداء على المدنيين المسالمين وممتلكاتهم ،كما تحث الشباب على التمسك بدينهم السمح وعدم الالتفات للدعوات المغرضة التي تعزز الفرقة بين المسلمين وتشتت كلمتهم.
وفيما تعمد بعض وسائل الإعلام الغربي لربط الإسلام والمسلمين بالإرهاب والتطرف، وخاصة تلك المجازر التي تحدث في العديد من الدول واحداها التي تمت في عمان في ليلة التاسع من تشرين الثاني 2005 والتي عرفت بـ تفجيرات عمان بأنها من المتشددين الإسلاميين أو من الأصوليين الإسلاميين، وهذه التسمية في الحقيقة مغالطة كبيرة، فليس هناك رابط بين ما يفعله هؤلاء والإسلام بل إنهم يقتلون المسلمين ، وفقا لرسالة عمان السمحاء

.
ففي قراءة في الفكر التنويري في مضامين رسالة عمان نجد انه يمكن رؤية الرسالة من منظور ديني واخر تربوي وثالث اعلامي ورابع فكري وخاصة مناداتها بان القواسم المشتركة بين اتباع الديانات، تصلح ان تكون منطلقا للحوار والتقارب من اجل الوصول الى تفاهم مثمر لا يمس الاستقلال الفكري او التميز العقدي لكل منهم، ومن ذلك: (السلام والأمن والعدل والتكافل والرحمة والحقوق والواجبات).
الى ذلك كان وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية عبدالفتاح صلاح قد قال ان رسالة عمان خطة عمل وطني تمثل الاسلام في وسطيته وتوازنه واعتداله واعترافه بالاخر ورغبته في الحوار معه بعيدا عن التطرف والغلو ، جاء ذلك خلال حفل افتتاح الدورة العلمية العاشرة لشرح مضامين رسالة عمان في معهد الملك عبدالله الثاني لاعداد الدعاة وتأهيلهم وتدريبهم في منطقة الرجيب في عمان بمشاركة احدى عشرة دولة عربية واسلامية وصديقة وهي تونس، لبنان ، المغرب ، اليمن ، ليبيا ، الجزائر ، السودان ، فلسطين ، البحرين ، بلغاريا ، البانيا

.

وتابع ان رسالة عمان ركزت على المبادئ الاساسية التي يقوم عليها الاسلام لصنع امة متماسكة وتأسيس حضارة انسانية عالمية وتحقيق الامن الشامل والتكافل . مطالبا العلماء بتحمل المسؤولية الكبيرة في توجيه الامة للوقوف امام التحديات التي تواجهها وداعيا الى وحدة الصف والكلمة .
وتستند رسالة عمان في توضيح حقيقة الإرهاب باعتباره اعتداء موجها ضد الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال أو التهديد بهذا الاعتداء، أو أية وسيلة أخرى من وسائل الإزعاج وإقلاق راحة الآخرين وسلبهم أمنهم وطمأنينتهم، وهو مرفوض كل الرفض في نظر الإسلام لا يجوز الإقدام عليه ولا المساهمة فيه ولا التخطيط له ولا التستر عليه .
وتستدل الرسالة على ذلك بآيات عديدة من القران الكريم فالله يقول ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة. . ويقول تعالى ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ويقول تعالى من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا

. وفي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما يسند هذا الدفاع عن الإسلام ويورد أحاديث عديدة منها قوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يروع مسلما وقوله صلى الله عليه وسلم من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي وإن كان أخاه لأبيه وأمه .
وتعد رسالة عمان بيانا صريحا للأمة بما يحيق بها من أخطار وتحديات.مؤكدة ان هوية الأمة مهددة عن طريق التجهيل بتاريخها، وتهميش دورها، والتقليل من شأنها والنيل من مبادئها. وتفرق كلمتها بإثارة النعرات والعصبيات والإقليميات والخلافات. وتنال من مقدساتها بالاحتلال العسكري ، وإثارة الشبهات وإشاعة الأباطيل والإساءة الى القرآن الكريم، والى النبي العظيم محمد .
اضافة الى الحديث عن ظاهرة الاسلامفوبيا (الخوف من الاسلام)، مبينة ان من اهم اسبابها تشويه الدين، وقلب حقائقه والافتراء عليه، وإلصاق الاتهامات به، والتقليل من شأنه، ومن أثره في حياة الناس، والنيل من رموزه وعلمائه.انتشار تصرفات فردية خاطئة من قبل بعض المسلمين يمارسونها إما جهلا وإما تضليلا، وتحسب على الاسلام وهي ليست منه أبدا.

وتؤكد الرسالة سماحة الاسلام وانسانيته وأنه منهج رباني شامخ يتعالى على كل صور الاندفاع الانساني نحو الانتقام والاستعلاء والغرور، ويتعامل مع الآخرين، بالبعد الانساني الذي يمثله كل واحد منهم، فيكرمهم ويتقبلهم ويحترم حقهم في الاعتقاد والرأي والتعبير، ولا يترفع عن مناصحتهم وحوارهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. كما تتضمن التاكيد على النهج الهاشمي في ابراز الصورة الحقيقية المشرقة للإسلام (التزام تاريخي موروث) ويتمثل ببيان خصائص الاسلام ومميزاته،الرد على الافتراءات والاتهامات،مخاطبة الآخر بلغته والتحاور معه، ملاحظة عدم الوقوع في شرك الاستفزاز وردود الفعل، الصبر وطول المدى وعدم اليأس، بيان صفحات مشرقة من تاريخ الاسلام في جميع مجالات الحياة،عرض جوانب مشرقة من حضارة الاسلام واسهاماته في الحياة الانسانية،تحميل كل مسلم مسؤوليته تجاه هذا الدين.
الى جانب توضيحها انسانية التشريع الاسلامي ويبدو ذلك من حرص الشريعة على تأكيد وحدة الجنس البشري ،إلغاء جميع الفوارق القائمة بين الناس على أساس الجنس أو العرق او اللون او النوع ،إلغاء نظام الطبقات والتأكيد على تساوي الجميع في الحقوق والواجبات،الاستقامة وحسن الأداء والتعامل هي اسس التفاضل بين البشر.

وتعد الرسالة منهج الدعوة الى الله تعالى، ومن اهم سمات هذا المنهج أنه يقوم على اللين والرفق، وبعد المدى وعدم الاستعجال، وانه ينبذ العنف والغلو والتطرف والإكراه. وتشتمل على سماحة الشريعة الاسلامية، ذلكم أن التسامح والعفو يعبران عن سمو النفس الانسانية واستعلائها على نزعة الانتقام والأنانية، وهذا فيما يتعلق بالحق الشخصي، وليس يعني ذلك تنازلا عن شيء من دين الله الذي لا يملك احد الحذف منه او الزيادة عليه.


وتشير الى ان القانون الدولي في الاسلام، وأخص ما في هذا القانون احترام الشريعة للعهود والمواثيق وتحريمها الغدر والخيانة، ومنعها الاعتداء على المسالمين والمدنيين وممتلكاتهم سواء كانوا أطفالا في مدارسهم أو رهبانا في صوامعهم، أو نساء لا علاقة لهن بالحرب، مثلما يحرم الاجهاز على الجرحى، ويحرم قتل الأسرى. كما تشير الى خصائص التشريع الاسلامي، وأهمها الواقعية والربانية والشمول والاعتدال والوسطية والتوازن، اضافة الى اليسر وعدم الحرج والابتعاد عن الغلو والتشديد والتطرف.



كما تطالب الرسالة الأمة الاسلامية بالأخذ بأسباب القوة والمنعة باعتبارها صمام أمان لحماية المسلمين وحماية حقهم في نشر دينهم والدعوة اليه. دعوة المجتمع الدولي للعمل بجدية على تطبيق القانون الدولي، واحترام المواثيق والقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والزام كافة الأطراف للقبول بها ووضعها موضع التنفيذ بعيدا عن ازدواجية المعايير التي تسهم في كثير من الأحيان بالتشجيع على العنف والغلو والتطرف.
وتؤكد دور العلماء في بيان حقيقة الاسلام، وتبدأ أهمية هذا الدور في حماية الشباب من مخاطر الانزلاق في مسالك الجهل والفساد والانغلاق والتبعية، وإنارة دروبهم بالسماحة والاعتدال والوسطية وترتيب الأولويات، وأن يكون العلماء قدوة للناس في الالتزام بالدين الكامل الذي لا يبدو جماله الا في كماله.و الحذر من التيئيس والتشاؤم، وإشاعة أجواء التفاؤل بالخير القادم والفرج المأمول.


يذكر ان رسالة عمان تم نشر وشرح مضامينها على نطاق واسع داخل المملكة وخارجها في اطار اهتمام وزارة الاوقاف بالمحور الدعوي من خلال عقد دورات لشرح مضامين الرسالة بمشاركة وعاظ وائمة مسلمين من كافة الدول الى جانب تقديم الابحاث العلمية في محاور ومضامين رسالة عمان والتي تقوم الوزارة بنشرها تباعا في مجلة هدي الإسلام التابعة للوزارة.
كما أعدت الوزارة دراسة خاصة لمحاور ومضامين رسالة عمان من (28) بندا غدت قاعدة للعمل الدعوي في الوزارة في الخطب والدروس الدينية والمجالس العلمية الهاشمية والمؤتمرات والندوات والحوارات التي تعقد في جميع محافظات المملكة كما تم ترجمتها الى عدد من اللغات العالمية وطباعة أكثر من (000ر200) نسخة منها.